انتقادات دولية لقرار ترامب فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها

نيويورك (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”: أعرب المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في بيان رسمي، عن قلقه لقرار حكومة الولايات المتحدة فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية والعاملين فيها وقضاتها بسبب نيتها إجراء تحقيق في جرائم حرب محتملة قد يكون الجنود الأمريكيون قد ارتكبوها في أفغانستان وكذلك حلفاء الولايات المتحدة كالإسرائيليين في مناطق أخرى.

واضاف دوجريك في مؤتمره الصحافي “نشعر بالقلق إزاء تلك التقارير التي تشير إلى قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، وندرك أنه كانت هناك تصريحات حول الموضوع من مسؤولين أمريكيين كبار كوزير الخارجية مايك بومبيو، مفادها أن أي قيود ستتخذ ضد أفراد بعينهم ستراعي التزامات الولايات المتحدة كالبلد المضيف للمقر الرئيسي للأمم المتحدة وبما يتوافق مع الاتفاقية المبرمة بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة في هذا السياق”.

وقد وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الخميس، أمرا تنفيذيا بفرض عقوبات على موظفي المحكمة الجنائية الدولية الذين يحققون مع مسؤولي المخابرات الأمريكية ومسؤولين من دول حليفة، بما في ذلك إسرائيل. ويشمل الأمر التنفيذي الحظر على الأصول المالية لموظفي المحكمة بالإضافة إلى منعهم من دخول الولايات المتحدة.

وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بن سودا، قد أعلنت في آذار/ مارس الماضي أنها ستعمل في التحقيق بخصوص جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في أفغانستان. وتتعلق بالتحقيقات في جرائم مختلفة مزعومة ارتكبها عناصر لطالبان وعناصر من قوات الأمن الأفغانية وجرائم حرب مزعومة ارتكبت من قبل قوات في الجيش الأمريكي وأعضاء في وكالة الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان أغلبها ارتكب ما بين الأعوام 2003-2004.

وأكد دوجريك أن الأمم المتحدة ستستمر بمراقبة الأمر وتداعياته عن كثب. وحول تأثير تلك الخطوة على عمل الموظفين أو المحققين في الجنائية الدولية وما إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة يدين خطوة من هذا القبيل، قال دوجريك “إن موقفنا سيظل داعما لمناهضة الإفلات من العقاب، والنضال من أجل العدالة يبقى دون تغيير”.

والمحكمة الجنائية الدولية كيان مستقل غير تابع للأمم المتحدة إلا أن هناك اتفاقية تعاون بين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية مبني على الاتفاق الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2004.

وفي هذا السياق صدر بيان عن المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، جاء فيه أن المحكمة “تعرب عن أسفها العميق لإعلان المزيد من التهديدات والإجراءات القسرية، بما في ذلك الإجراءات المالية، ضد المحكمة ومسؤوليها، التي صدرت في وقت سابق اليوم من قبل حكومة الولايات المتحدة”. وأضاف البيان “تشكل هذه الهجمات تصعيداً ومحاولة غير مقبولة للتدخل في سيادة القانون والإجراءات القضائية للمحكمة. وقد تم الإعلان عنها بهدف معلن وهو التأثير على تصرفات مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية في سياق تحقيقات المحكمة المستقلة والموضوعية والإجراءات القضائية المحايدة”.

من جهة أخرى، صرحت أندريا براسو، مديرة منظمة “هيومن رايتس ووتش” في واشنطن، في بيان، أنّ “هذا الاعتداء على المحكمة الجنائية الدولية هو محاولة لمنع ضحايا الجرائم الخطيرة سواء في أفغانستان أو إسرائيل أو فلسطين من إبصار العدالة”. وأضافت أنه على الدول التي تدعم العدالة الدولية أن تعارض علانية هذه “المحاولة الفاضحة للعرقلة”.

كما عبّر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن “قلق بالغ” من الخطوة، وقال لصحافيين إن “المحكمة كانت تلعب دوراً أساسياً في تحقيق العدالة الدولية ومعالجة أخطر جرائم الحرب”.

وأعربت فرنسا عن “الاستياء”، اليوم الجمعة، إزاء القرار الأمريكي. وقال وزير خارجيتها جان-ايف لودريان، في بيان، إنّ “هذا القرار يمثّل اعتداء خطيرا على المحكمة (…)، وأبعد من ذلك، فإنّه يطعن في تعددية الأطراف واستقلالية القضاء”.